في تطوّر مثير للجدل، عادت “سفينة الوالي” إلى الإبحار من جديد، بعد أسابيع فقط من ارتكابها مجزرة بيئية في عرض البحر، تمثّلت في إبادة مئات الأطنان من سمك “الكوربين”، أحد الأنواع البحرية الحساسة والمهمة بيئيًا واقتصاديًا.
ورغم فداحة الحادثة، التي أثارت استياءً واسعًا في أوساط المهنيين والناشطين البيئيين، فإن وزارة الصيد لم تُصدر، حتى اللحظة، أي بلاغ رسمي يوضح مصير السفينة أو طبيعة الإجراءات القانونية التي تم اتخاذها في حقها، وهو ما يفتح الباب أمام تساؤلات كثيرة حول جدية التعامل مع هذه الفضيحة البيئية.
الأغرب في هذا الملف أن الشركة المالكة للسفينة، بدلًا من تحمّل مسؤولية ما حدث، اختارت الدخول في صراع اجتماعي، حينما قررت طرد طاقم السفينة من بحّارة ومقابلين، في خطوة وُصفت بأنها محاولة لإعادة توجيه الأنظار بعيدًا عن القضية الأصلية.
وقد رأى متابعون أن هذا التحرك يندرج ضمن استراتيجية للضغط على وزارة الصيد، من خلال اللعب بورقة “التشغيل” وخلق رأي عام متعاطف مع الشركة، مستغلّة هشاشة الوضع الاجتماعي للعمال المطرودين، لتليين الموقف الرسمي، وربما دفع نحو إغلاق الملف دون محاسبة حقيقية.
في المقابل، تلتزم الوزارة الصمت، وهو ما يعزز المخاوف من وجود تواطؤ أو، في أقل تقدير، تقاعس في تطبيق القانون. فهل فعلاً استطاعت الشركة أن توظف ملف العمال كورقة تفاوض سياسية وقانونية؟ وهل نحن أمام سابقة يتم فيها توظيف الأزمة الاجتماعية لتمييع جريمة بيئية بهذا الحجم؟
أسئلة كثيرة تنتظر إجابة واضحة من الجهات الوصية، خصوصًا أن الرأي العام لم ينسَ بعد صور السمك الملقى في البحر، ولا يزال ينتظر محاسبة المتورطين، حماية للثروة البحرية، وصونًا لكرامة البحّار.

