تعيش الأقاليم الجنوبية عامة و جهة الداخلة خاصة منذ فترة طويلة على وقع جملة من الإقصاءات الغير مفهومة والتي تستهدف بالأساس شباب المنطقة في مختلف المجالات وتحول دون مشاركتهم في ركب التنمية بأقاليمهم و خلق رافعة اقتصادية محلية،و مت هنا نتسائل عن افاق نجاح النموذج التنموي بالاقاليم الجنوبية في ظل هذه الإقصاءات و هذا التهميش.
و اذا كان إن هذا النموذج المقترح يتوخى،وحسب ديباجته جاء من اجل إرساء دينامية سوسيو-اقتصادية جديدة للتنمية، حاملة للنمو، ومـدرة لفرص الشغل، بالمشاركة الفاعلة لمواطني الأقاليم الجنوبية،فما يقع على سبيل المثال لا الحصر على مستوى مباريات الوظيفة العمومية و الإستفادة من المشاريع المعلن عنها من طرف مختلف مؤسسات الدولة و الإستثمار و السياحة و الفلاحة و الصيد البحري يتناقض تماما مع أسس هذا النموذج التنموي و التوصيات التي جاء بها.
إن الأسس التي طرحها منذ أول يوم المجلس الإقتصادي و الإجتماعي لنجاح هذا النموذج التنموي الجديد الذي خص به أقاليم المملكة الجنوبية يتم ضربها عرض الحائط في كل مرة عبر تهميش غير مسبوق لساكنة المنطقة عوض التنميـة المسؤولة و المستدامة التي بُني عليها النموذج، والتي اكد المجلس أنها تقـوم على التوازن بين خلق الثروات وتوفير فرص الشغل، والإعداد المستدام للتراب، وحماية البيئة، وإنعاش الثقافة، واستفادة الساكنة المحليـة مـن ثـروات المنطقة.
لقد تحول النموذج التنموي بالاقاليم الجنوبية من اداة لتمكين ساكنة المنطقة من تدبير و المشاركة في الدفع بالرافعة التنموية المحلية الى نموذج متناقض شكله مع مضمونه على ارض الواقع و عاجز عن خلق التحولات التي جاء من أجلها و فشل في تنزيل نظام يخلق الشروط المناسبة لتحرير المبادرة الخاصة و تشجيع الشفافية و القطع مع سياسة الريع واعطاء فرص لأبناء المنطقة من أجل المشاركة الحقيقية اقتصاديا و سياسيا و اجتماعيا و ثقافيا،تقويـة قـدرات الأفـراد لإخراجهـم مـن دائرة الفقـر ولعل الارتفاع المهول لنسبة البطالة بالاقاليم الجنوبية ماهو الز دليل على ذلك.
لم يكن الإقصاء الأخيرة لوكالة التنمية الفلاحية لمئات الشباب و الشابات من حقهم في الاستفادة من مشاريع فلاحية ضمن مشروع ملكي ضخم يعد فرصة مثالية لشباب المنطقة،لم يكن الا هفوة من الهفوات التي تضرب بها العديد من المؤسسات العمومية أسس النموذج التنموي بالاقاليم الجنوبية و يتناقض تماما مع رسائل الخطاب الذي وجهـه جلالة الملك إلى الأمة، يـوم 6 نونبر 2013، بمناسبة الذكرى 38 للمسيرة الخضراء.
ان الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 38 للمسيرة الخضراء كان واضحا فيما يخص اسس و اهداف و المبتغى من عذا النموذج التنموي و الذي قال فيه جلالته بالحرف “ويظـل هـدفنـا الأسمى، جعل أقاليمنا الجنوبية فضاء للتنمية المندمجة، والعيش الكريم لأبنائها، وتعزيز بعدهـا الجيو-استراتيجي، كقطـب جـهـوي للربط والمبادلات بيـن أوروبا وإفريقيا جنوب الصحراء”.