صورة من الأرشيف
يعد التراث الموسيقي لأي مجتمع جزءًا لا يتجزأ من هويته الثقافية، فهو امتداد لتاريخه وتعبير عن وجدانه، غير أن التهميش الذي تعاني منه الفرق الموسيقية المحلية، وخاصة في جهة الداخلة وادي الذهب، أصبح يشكل خطرًا حقيقيًا يهدد هذا الموروث، بل ويجعلنا أمام محاولة ممنهجة لاجتثاث هذا التراث من جذوره.
فعلى مدى عقود، لعبت الفرق الموسيقية المحلية دورًا رئيسيًا في إثراء المشهد الثقافي والفني بالجهة، مقدمة ألوانًا موسيقية تعكس خصوصية المنطقة وتاريخها العريق، إلا أن السنوات الأخيرة شهدت اندثار عدد كبير منها، بسبب غياب الدعم والإقصاء المتزايد من الفعاليات الثقافية، مما أدى إلى اختفاء أصوات كانت تمثل جزءًا من هوية الداخلة الفنية.
وما يثير التساؤلات اليوم هو التناقض الواضح بين تصريحات وزير الثقافة المهدي بنسعيد المتتالية والواقع الفعلي بجهة الداخلة وادي الذهب، حيث يُتحدث عن دعم الثقافة والفنانين المحليين خاصة بجهات الاقاليم الجنوبية، بينما تتواصل سياسة الإقصاء والتجاهل التي دفعت العديد من الموسيقيين إلى العزوف عن ممارسة فنهم، إما بسبب انعدام الفرص أو بفعل غياب آليات تحفظ لهم مكانتهم.
وفي ظل هذا الواقع، يظل التساؤل مطروحًا: هل يتدخل والي الجهة لإعادة الأمل لهذه الفئة المستضعفة؟ وهل يمكن إحياء المشهد الموسيقي المحلي بقرارات جريئة تنصف هؤلاء الفنانين، وتعيد لهم الاعتبار بعد سنوات من التهميش؟
إن حماية التراث الموسيقي ليست مجرد ترف ثقافي، بل هي مسؤولية جماعية، وإذا استمر هذا الإهمال، فإننا سنكون أمام خسارة لا تعوض لتراث يشكل جزءًا من هوية الداخلة وادي الذهب، فهل نرى تحركًا جادًا لإنقاذ ما تبقى من تراث مجتمعنا الصحراوي؟