كشف تقرير إسباني أن السبب الحقيقي وراء تعثر إعادة فتح المعابر التجارية بين المغرب والمدينتين المحتلتين، سبتة ومليلية، يعود إلى تراجع الحكومة الإسبانية عن الالتزام بتعهدات سرية سابقة، تتعلق بالتنازل عن إدارة المجال الجوي للصحراء المغربية لصالح الرباط.
التقرير الصادر عن صحيفة “OK Diario” أشار إلى أن الجمارك الجديدة كان من المفترض أن تبدأ عملها مطلع العام الجاري، إلا أن الرباط عمدت إلى تعطيل مرور شاحنتين إسبانيتين فقط، واحدة لكل مدينة محتلة، في أول أيام التشغيل. هذا الإجراء، وفقًا لمصادر دبلوماسية، جاء كرد فعل مغربي على ما اعتبرته إخلالًا إسبانيًا بتفاهمات سابقة تخص إدارة المجال الجوي للصحراء.
المصادر ذاتها أكدت أن المغرب لا يعلن عن مطالبه بشكل صريح، بل يعتمد على إجراءات ميدانية تُفهم على أنها رسائل ضغط. ومن أبرز هذه الرسائل التشديد الكبير على دخول الشاحنات الإسبانية، حيث خضعت بعضها لتفتيش دقيق استغرق ساعات طويلة، في محاولة لدفع مدريد نحو الوفاء بتعهداتها المتعلقة بالتخلي عن إدارة المجال الجوي للصحراء.
وفي السياق ذاته، كشفت الصحيفة أن المغرب يعمل على تعزيز سيادته في المنطقة من خلال إنشاء برج مراقبة جديد في مدينة السمارة بإشراف المكتب الوطني للمطارات، وهو مشروع يتوقع أن يدخل حيز التشغيل قريبًا. هذه الخطوة تأتي ضمن جهود الرباط لاستكمال سيطرتها على الأجواء الصحراوية، التي ما تزال تخضع لإدارة إسبانية من خلال مركز مراقبة جزر الكناري.
ويُعد المجال الجوي للصحراء نقطة استراتيجية للمغرب، حيث لا يقتصر أهميته على تعزيز السيادة الوطنية، بل يشكل أيضًا ممرًا جوّيًا رئيسيًا بين أوروبا وأمريكا الجنوبية. كما أن السيطرة عليه تتيح للمغرب تعزيز موقفه في ملفات حيوية أخرى، مثل المياه الإقليمية واستغلال الموارد الطبيعية على طول السواحل الأطلسية.
وفي خضم هذه التحركات، تترقب الأوساط السياسية زيارة رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، إلى المغرب في نوفمبر المقبل، وسط توقعات بأن يتصدر ملف المجال الجوي أجندة المباحثات الثنائية.
من جانب آخر، تشير التقارير إلى نجاح المغرب في فرض شروط صارمة على حركة السلع عبر المعابر التجارية، حيث بات يُسمح فقط بمرور بعض المنتجات المغربية مثل الفواكه والخضروات والمواد الخام، بينما تخضع الواردات الإسبانية لمعايير دقيقة تحددها السلطات المغربية.
كما أفادت صحيفة “الفارو دي مليلية” بأن المغرب قرر منع مرور المسافرين وأمتعتهم الشخصية عبر معبر بني انصار، مع فرض قيود إضافية على حركة المرور، واستبعاد نظام المسافرين في المرحلة الأولى من تشغيل الجمارك.
هذا الوضع يعكس استراتيجية مغربية واضحة للضغط على مدريد لتحقيق مكاسب سيادية وجيوسياسية في المنطقة، في وقت يبدو فيه أن الرباط ماضية بحزم نحو فرض شروطها، وضمان احترام مصالحها الوطنية في علاقاتها مع الجارة الإسبانية.